للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨)} أي يقول الكفار المكذبون بوعد الله -عز وجل- ومنه القيامة {مَتَى} هنا استفهام استبعاد وتحدي، أي: يقولون مستبعدين هذا الأمر متحدين من يقوله {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨)}، و {مَتَى} خبر مقدم و {هَذَا} مبتدأ مؤخر؛ وذلك لأن {مَتَى} واقعة موقع النكرة و {هَذَا الْوَعْدُ} معرفة، والمعهود أن المعرفة هي المبتدأ، والخبر يكون نكرة، وقد يكون معرفة، لكن إذا وجد نكرة ومعرفة، وأمكن أن تكون المعرفة للمبتدأ فهي المبتدأ؛ لأن المبتدأ محكوم عليه فلابد أن يكون معرفة، والمعرفة تعين المدلول وتخصصه، فلابد أن يكون المحكوم عليه معلومًا، ولهذا قال العلماء في هذه القاعدة: (إذا وجدت كلمتان إحداهما معرفة والأخرى نكرة، وأمكن أن تكون المعرفة هي المبتدأ فلتكن هي المبتدأ)، وتعليل ذلك أن المبتدأ محكوم عليه، فلابد أن يكون معلومًا متعينًا يقول: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨)} أي: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨)} بأننا نبعث فمتى يكون، ولا شك أن هذه الشبهة داحضة؛ لأن الذين قالوا بالبعث لم يعينوه بيوم معين، وانظر إلى حجتهم في آية أخرى تكن أبين {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥)} (١) وهل الذين قالوا: إنهم يبعثون قالوا يبعثون في الدنيا حتى يقولوا: ائتوا بآبائنا، وإنما قالوا ستبعثون يوم القيامة، وقولهم: (ائتوا بآبائنا) أي: ابعثوهم لنا، هذا التحدي في غير محله، لأنه ما قيل لهم: إنكم ستبعثون في الدنيا،


(١) سورة الجاثية، الآية: ٢٥.

<<  <   >  >>