ونحن ذكرنا أشياء: ذو حكمة، ومُحْكِم، ومُحْكَم، وحاكم، فذكرنا أنه حاكم، وذو حكمة وحكم وإحكام، فيشمل أعم مما قاله المؤلف.
وإقسام الله تعالى بكتابه العظيم أو بكتابه الحكيم يدل على عظم هذا القرآن وعلى عظم ما جاء به من الأحكام والحكمة والحُكم، ثم ذكر المقسم عليه فقال:{إِنَّكَ} أي يا محمد {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)} فأقسم الله تعالى بكتابه على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من المرسلين، وقوله: {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)} لأنه سبقه الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام، وأكملهم شريعة، جاء ليتم مكارم الأخلاق، وقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالته برجل بنى قصرًا وأشاده وبقي موضع لبنة، فصار الناس يطوفون به، ويتعجبون منه إلا موضع هذه اللبنة قال:"فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين"(١)، والجملة {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)} مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، وإن، واللام.
قال المؤلف: {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى} متعلق بما قبله]، الذي قبله {الْمُرْسَلِينَ}، مرسل اسم مفعول صالح للعمل؛ لأن يتعلق به المعمول، فالمعنى:"إنك لمن الذين أرسلوا على صراط مستقيم" لأن جميع الرسل على صراط مستقيم بلا شك، ولكن يحتمل وجهًا آخر أحسن مما قال المؤلف، وهو أن تكون {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)} خبرًا ثانيًا لـ (إن)، أي: إنك على صراط
(١) أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - (٣٥٣٥) ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين (٢٢) (٢٢٨٦).