بزعمهم نصرهم {مُحْضَرُونَ (٧٥)} في النار معهم]. قوله: نزلوا منزلة العقلاء، لأن واو الجماعة خاصة بالعقلاء، والذي يأتي لغير العقلاء ما يدل على التأنيث سواءً كان بالإفراد أو بالجمع، فلو مشى التعبير على الغالب لقال:(لا تستطيع نصرهم) أو الا يستطعن نصرهم) لكن قال: {لَا يَسْتَطِيعُونَ} تنزيلًا لهذه الأصنام منزلة العاقل؛ لأن هؤلاء يدعونها دعاء العاقل يرون أنها عاقلة تجلب النفع وتدفع الضرر فخوطبوا بما يعتقدون.
{وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)} المؤلف - رحمه الله تعالى - مشى على أن {وَهُمْ} الضمير يعود على الأصنام، أي والأصنام لعابديها جند ينصرونهم حسب زعمهم {مُحْضَرُونَ (٧٥)} أي: معهم في النار، فهذه الأصنام جند لهؤلاء العابدين، لكن الجميع محضرون في نار جهنم يعذبون. وهذا قول فيه بعد عن ظاهر الآية وعن المعنى.
والصواب: أن الضمير في قوله تعالى: {وَهُمْ} يعود على العابدين {لَهُمْ} يعود على الأصنام {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)} أي: حاضرون. فالمعنى أن هذه الأصنام لا تستطيع نصرهم، ولكن هؤلاء العابدين ينتصرون للأصنام ويكونون جندًا لها كما قال قوم إبراهيم: {حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨)} (١) فهؤلاء العابدون يعبدون ما لا ينفعهم ولكنهم هم ينتصرون لهذه الأصنام {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)} ليدافعوا عن هذه الأصنام، فيكون في هذا التصرف نقص من وجهين: