للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلق الله عز وجل التأثير فيها، ولهذا إذا شاء الله أن لا تؤثر لم تؤثر، فإن النار طبيعتها الإحراق ومع ذلك لم تحرق إبراهيم عليه الصلاة والسلام بل كانت بردًا وسلامًا عليه، لأن الله قال: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} (١).

٣ - ومن فوائد الآية الكريمة: كمال عدل الله سبحانه وتعالى لقوله: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)} أي: فلم تظلموا، بل أنتم الذين فعلتم ذلك بأنفسكم.

* * *

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)} {الْيَوْمَ} يعني يوم القيامة قال المؤلف -رحمه الله-: [{أَفْوَاهِهِمْ} أي: الكفار لقولهم: والله ربنا ما كنا مشركين {وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} وغيرها {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)} فكل عضو ينطق بما صدر منه {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} الختم على الشيء بمعنى إغلاقه وعدم الوصول إليه، ومنه ختمت الكيس إذا أحكمت شده، وختمت عليه بالشمع ونحوه كما يقولون، ومعنى {نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} أي نسدها فلا تتكلم، وذلك أن المشركين يوم القيامة إذا رأوا الموحدين قد نجوا، تكلموا وتبرؤا من الشرك، وقالوا: والله ربنا ما كنا مشركين، أي: أقررنا بأننا غير مشركين لعلنا ننجوا كما نجا أهل التوحيد، وحينئذ يختم على أفواههم، لأن أفواههم صارت تتكلم بالكذب فيختم على أفواههم، وتنطق الجوارح بما عملت،


(١) سورة الأنبياء، الآية: ٦٩.

<<  <   >  >>