للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوب من حيث البلاغة.

{عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)} الصراط فعال بمعنى مفعول؛ لأن فعالًا تأتي بمعنى مفعول كثيرًا، كقولهم: بناء، وغراس، وفراش، بمعنى: مبني، مغروس، مفروش، فصراط فعال بمعنى مفعول أي: مصروط، والصراط: المرور بسرعة، ومنه قولهم: "صرط اللقمة" أي ابتلعها بسرعة، وفي اللهجة العامية عندنا نقول: "زرط" وهي لغة عربية في صراط، و"سراط" بالسين و"زراط" بالزاي فكلها لغة عربية، والصراط لا يكون صراطًا إلا إذا كان طريقًا واسعًا يتحمل طوائف يعبرون عليه، قالوا: أيضًا من صفاته أن يكون مستويًا ليس فيه طلوع ولا نزول {مُسْتَقِيمٍ} صفة له مؤكدة، أي: أنه لا اعوجاج فيه، ولا شك أن ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام صراط مستقيم، لأنه طريق واسع يسع كل الأمة منذ بعث إلى أن تقوم الساعة لا يمكن أن يضيق، وهو أيضًا صراط واسع لا يمكن أبدًا أن يضيق عن الأحكام الشرعية، فكل حادثة تنزل منذ بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة لابد أن يوجد حل لمشكلتها -إن كانت مشكلة- فيما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، ولذلك نقول: إن هذا الشرع في القرآن والسنة كامل لا يحتاج إلى تكميل، وهو أيضًا واسمع لا يمكن أن يضيق بأي جزئية تقع إلى يوم القيامة، إذن ليس هناك مشكل في الشريعة، لكن الإشكال إنما يأتي من قبل الناس: إما لقصور في الفهم، أو لتقصير في طلب العلم والهدي، أو الأشياء رانت على قلوبهم فأظلمتها حتى لا تبصر الحق، فقد يكون

<<  <   >  >>