للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه من الفزع. {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} أي: لا يستطيعون أن يوصوا إلى أهليهم، وإلى صغارهم، وإلى سفهائهم؛ لأن الأمر عظيم لا يتكلمون فيه {وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠)} لأنهم لا يتجاوزون مكانهم، فلا هم الذين وصلوا إلى أهليهم وشاهدوهم، ولا هم الذين استطاعوا أن يوصوا فيهم أحدًا، وهذا يدل على أن الأمر الذي أخذهم أمر عظيم، وهو كذلك لأن الله تعالى يقول: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧)} (١) {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١)} قال المؤلف عن الصور: [وهو القرن، النفخة الثانية للبعث، وبين النفختين أربعون سنة] {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} النفخ في الصور يذكره الله عز وجل دائمًا بالبناء المجهول (نُفِخَ)؛ لأن الإبهام أبلغ في التهويل والتعظيم مما إذا ذكر الفاعل، ولهذا تجد قول الله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨)} (٢) أبلغ مما لو بين هذا الذي غشيهم، فالإبهام أحيانًا يفيد التهويل والتعظيم، وهنا أبهم النافخ وفي كل الآيات النافخ مبهم البيان عظم هذا الأمر، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الذي وكل بالنفخ في الصور هو إسرافيل عليه الصلاة والسلام أحد حملة العرش (٣)، وقد ذكر الله تعالى النفخ في الصور في هذه الآية، وفي سورة الزمر، وفي سورة النمل، وفي سورة الأنعام وغيرها،


(١) سورة النمل، الآية: ٨٧.
(٢) سورة طه، الآية: ٧٨.
(٣) انظر ابن جرير الطبري في تفسيره جـ ٢٠ ص ١٩، سورة النمل الآية (٨٧).

<<  <   >  >>