للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)} لما ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ أن الشمس تجري لمستقر لها، وأن هذا أمر مقدر من قبل العزيز العليم، وأن الله تعالى قدر القمر منازل ينزلها منزلة منزلة حتَّى يعود بعد امتلائه نورًا فيصير كالعرجون القديم، بين أن هذا النظام لا يمكن أن يتصادم أبدًا؛ لأنه مقدر من عند الله عَزَّ وَجَلَّ العزيز العليم. منازل لا يتجاوزها ولا يتعداها، قال: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يقول المؤلف: [يسهل ويصح]، لكن الأولى أن نقول: بمعنى يمكن، أي: لا يمكن للشمس أن تدرك القمر. وقد مر علينا أنَّه إذا جاءت كلمة (لا ينبغي) في القرآن فالمعنى الممتنع غاية الامتناع. كقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢)} (١) يعني أن ذلك مستحيل، وقال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: "إن الله عَزَّ وَجَلَّ لا ينام ولا ينبغي له أن ينام" (٢)، أي أن ذلك مستحيل. {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي} أصلها: (الشمس لا ينبغي لها)، ولكن قدم النفي ليكون المنفي الجملة الاسمية كلها، فقال: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يعني: لا يمكن أن تدرك القمر فتجتمع معه في الليل، فإذا غابت لا يمكن أن تخرج في زمن الليل فإذا قدرنا أنَّها تغيب في الساعة الثانية عشرة، وتخرج الساعة الثانية عشرة، فبين غروبها وطلوعها اثنتا عشرة ساعة، لا يمكن أن تطلع في الساعة


(١) سورة مريم، الآية: ٩٢.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله: "إن الله لا ينام" (١٧٩).

<<  <   >  >>