للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البشر له طريق، فإن كان على شرع الله فهو مستقيم، وإن كان على خلافه فهو معوج.

* * *

ثم قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)} {وَلَقَدْ} هذه جملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات هي: القسم المقدر؛ لأن اللام موطأة للقسم، واللام، وقد، والتقدير: والله لقد أضل.

فإذا قال قائل: كيف يقسم الله عز وجل وهو الصادق بالقول بلا قسم؟

نقول في الجواب على ذلك وجوه:

الوجه الأول: الإشارة إلى أن هذا أمر هام يحتاج إلى القسم عليه، لأنه لولا أهميته ما أقسم عليه.

الوجه الثاني: أن القرآن نزل باللغة العربية، ومن أساليب اللغة العربية أن الشيء إذا أريد إثباته وتحقيقه فإنه يقسم عليه.

الوجه الثالث: أن المقسم به إذا كان مصرحًا به، فإن الإقسام به يدل على عظمته فإن الله لا يقسم بشيء إلا لعظمة ذلك الشيء، مثل قوله: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢)} (١). وما أشبه ذلك مما أقسم الله به فإنه يدل على عظمة المقسم. {أَضَلَّ مِنْكُمْ} بمعنى أضاع وصرف عن الطريق المستقيم، يعني قادكم إلى ضلال ليس فيه هدى {جِبِلًّا}، قال المؤلف -رحمه الله-:


(١) سورة الشمس، الآيتان: ١، ٢.

<<  <   >  >>