للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمعنى الطلب، وفائدة الطلب إظهار صدق الإرادة، كما أن الفعل يدل على صدق الإرادة، فلو أن أحدًا من الناس قال: أريد أن أزور فلانًا، فإن هذه الإرادة لا تظهر إلا إذا زاره بالفعل، وإلا فما دام لم يقم بالفعل فإن الإرادة قد تكون غير صادقة، وعلى كل حال يكفينا أن الله عز وجل يقول: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} (١) فإن ظاهر الآية أن كل ما تشتهيه وإن لم تطلبه يحصل لك.

* * *

{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} قال المؤلف -رحمه الله-: [{سَلَامٌ} مبتدأ {قَوْلًا} أي: بالقول. خبره] على أنه منصوب بنزع الخافض، لأنه قال: أي بالقول. والنصب بنزع الخافض في غير (أنا) و (أن) ليس بمطرد، بل هو سماعي، إن سمع عن العرب النصب عمل به، وإن لم يسمع لم يعمل به، وقاعدة ذلك: أنه قد يحذف حرف الجر، فإذا حذف حرف الجر صار مدخوله منصوبًا، ويقال فيه: منصوب بنزع الخافض، ولكنه كما قال ابن مالك -رحمه الله-:

في أن وأنا يطر ومع أمن ... لبس كعجبت أن يدم

فالمؤلف مشى على أن {قولًا} منصوب بنزع الخافض أي سلام بالقول من رب رحيم، وهذا أحد الوجوه في الآية الكريمة، ويجوز أن يكون {سَلَامٌ} خبر لمبتدأ محذوف، أي: هي سلام يعني الجنة، سلام كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ


(١) سورة الزخرف، الآية: ٧١.

<<  <   >  >>