للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنهم يأكلونه على سبيل التفكه، فكيف تجيب عن قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (١) والأصل في العطف أن يكون للمغايرة، والنخل والرمان يؤكل.

فالجواب: يعلم مما ذكرنا آنفًا وهو أن الشيء إذا أفرد صار له معنى عامًّا، وإذا قرن بغيره صار له معنى خاصًّا مقابلًا لما قرن معه، لأن التقسيم يقتضي أن يكون المقسم إليه من طرف، غير المقسم إليه من الطرف الآخر، فنقول: النخل والرمان نص عليهما بخصوصهما لخاصية فيهما، وإلا فهما من الفاكهة، فيكون هذا من جنس عطف الخاص على العام، وعطف الخاص على العام في اللغة العربية كثير، مثل: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} (٢) والروح هو جبريل عليه السلام وهو من الملائكة، ثم قال المؤلف: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧)} كل ما يتمنونه فإنه حاصل، بل إن الله يعطيهم أكثر مما يتمنون؛ لأن أمنية الإنسان محدودة، قد يرى أن هذا أكبر شيء، وفيه شيء آخر أكبر منه ولكنه لا يدركه. فالإنسان في الآخرة يعطى كل ما يتمنى، بل يزاد على ما يتمنى.

فإذا قال قائل: هل إذا اشتهى الإنسان الشيء في الجنة يحصل بمجرد هذه الشهوة، أو لابد من الطلب؟

فالجواب: أن هذا الأمر محتمل، يحتمل أن الإنسان إذا اشتهى شيئًا حصل له، ويحتمل أنه لابد أن يدعيه، والدعوى


(١) سورة الرحمن، الآية: ٦٨.
(٢) سورة القدر، الآية: ٤.

<<  <   >  >>