للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغزيرة، ومنها العيون الراكدة التي لا تجري لكنها تنبع على جهة الأرض، ومنها العيون التي تكون بواسطة كالأنابيب المعروفة الآن تركز في الأرض فيخرج الماء، ومنها العيون التي تكون بلا واسطة كالذي يتفجر من رؤوس الجبال وغير ذلك، كل هذا دليل على قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ وعلى رحمته بعباده، يقول: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} {لِيَأْكُلُوا} الضمير يعود على الناس، واللام للتعليل، والفعل بعدها منصوب إما بها على مذهب الكوفيين، وإما بأن مضمرة على مذهب البصريين، وقوله: {مِنْ ثَمَرِهِ} قال المؤلف - رحمه الله -[بفتحتين وبضمتين] أي: ثَمَره، وثُمُرِهِ. وثمره هنا مفرد، ولم يقل (من ثمرهما) لأن الله عَزَّ وَجَلَّ ذكر نخيلًا وأعنابًا فهما صنفان، ولم يقل (من ثمرهما) بل قال: {مِنْ ثَمَرِهِ} أي ثمر المذكور، فالضمير هنا يعود على المذكور من النخيل والأعناب. قال المؤلف: [{وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} أي لم تعمل الثمر {أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)} نعمة الله تعالى عليهم] قوله: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} في {مَا} قولان للمفسرين:

القول الأول: أنَّها نافية، وهو الذي مشى عليه المؤلف، يعني أن هذا الثمر الخارج من النخيل والأعناب لم تعمله أيدي الناس.

القول الثاني: أنَّها بمعنى الذي أي: (من الذي عملته أيديهم)، لأن الناس قد يعملون شيئًا يصلحونه، مثل عصير العنب، وكذلك دبس التمر، وكذلك الخبز الذي يخبزونه من الزروع، وغير ذلك مما يصنعه الناس بأيديهم ويتمتعون

<<  <   >  >>