للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفوضى، فهذه رحمة، وكذلك نقول في بقية الحدود والقصاص إنه من رحمة الله عز وجل.

* * *

{لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦)} قال المؤلف: [{لِتُنْذِرَ} به {قَوْمًا} متعلق بتنزيل]. {لِتُنْذِرَ} اللام هذه تسمى لام التعليل، والفعل بعدها منصوب باللام، وعلى مذهب البصريين منصوب بأن مضمرة بعد اللام، وعلى كل حال فهي تحتاج إلى متعلق، ومتعلقها قوله: {تَنْزِيلَ} يعني إنما نزل لتنذر قومًا ما أُنذر آباؤهم فهم غافلون. "تنذر": قال العلماء: الإنذار هو الإخبار المقرون بالتخويف، أو المتضمن للتخويف، فالإنسان مثلًا يأتي إلى قوم يصيح بهم: العدو، العدو. يقال: هذا منذر ونذير، فالنذير عن شيء يخوف، فهو إعلام متضمن للتخويف، هذا القرآن أنزله الله عز وجل لينذر النبي - صلى الله عليه وسلم - به {قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} أي: لم ينذروا في زمن الفترة وعلى هذا فـ (ما) نافية، يعني: لتنذر قومًا لم ينذروا ولم يخوفوا، لكن هذا في زمن الفترة، وأما قبل فقد أنذروا بواسطة إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فإنه مرسل إلى العرب إلى قومه، وبعد ذلك لم ينذر هؤلاء، قال بعض المعربين الذين يجمعون الأقوال -صحت أو لم تصح أي أنهم يقولون أي احتمال- قالوا: ويجوز أن تكون "ما" موصولة، أي: (لتنذر قومًا الذي أنذره آباؤهم) فيجعلون ما موصولة، ويجعلون العائد محذوفًا تقديره (الذي أُنذره آباؤهم) أي: لتنذرهم الذي أُنذره آباؤهم، ولكن هذا وإن كان محتملًا من

<<  <   >  >>