للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل اللفظ، لكن بعيد من جهة المعني، لأن الآيات الكثيرة المتعددة تدل على أن قريشًا الذين بعث فيهم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يُنذر آباؤهم، ومنه قوله تعالى في سورة "الم" السجدة: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} (١) وهذا صريح في أن "ما" هنا للنفي لا غير. قال المؤلف -رحمه الله- {فَهُمْ} أي: القوم {غَافِلُونَ (٦)} عن الإيمان والرشد] غافلون لأنهم ما أتاهم نذير، ومعلوم أن النذر توجب حياة القلوب والانتباه، ولهذا تجد الإنسان نفسه إذا لم يأته واعظ يغفل وتكثر فيه الغفلة، فإذا أتاه واعظ فكأنما أيقظه من نوم، هؤلاء لما تطاول عليهم الأمد ولم يأتهم نذير، غفلوا وكأنهم ما خلقوا لعبادة الله، وجعلوا لهم أصنامًا يعبدونها من دون الله، ويركعون لها، ويسجدون، وينذرون ويوفون، فهم غافلون لعدم من يوقظهم، ولكن من هؤلاء الذين في زمن الفترة من عنده علم من الرسالة لكنه عاند وبقي على ما كان عليه آباؤه، كالذين شهد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنار، فالذين شهد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنار نعلم علم اليقين أن هؤلاء قد قامت عليهم الحجة ولولا ذلك ما كانوا من أهل النار، فأهل الفترة نوعان:

نوع علمنا من شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قد بلغتهم الرسالة لحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم بأنهم من أهل النار.

ونوع لا ندري عنهم شيئًا، فالواجب علينا أن نتوقف في أمرهم، وأن نقول: الله أعلم بما كانوا عاملين.


(١) سورة السجدة، الآية: ٣.

<<  <   >  >>