للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)} {تَطَيَّرْنَا} أي تشاءمنا، وأصل التطير مأخوذ من الطير، لأن الناس يتشاءمون بالطيور، أو يتفاءلون بها. فيرسلون الطيور فإن اتجهت إلى اليمين، أو اليسار، أو الأمام، أو الخلف، أو عادت، أو ذهبت ولم تعد تشاءموا، أو تفاءلوا على اختلاف بينهم فيما يكون التشاؤم أو فيما يكون التفاؤل، ثم تعدى الأمر إلى أن تكون الطيرة في كل شيء وهي: "التشاؤم بمرئي، أو مسموع، أو زمان، أو مكان"، وهذا التطير قد يكون له أصل، وقد لا يكون له أصل، قد يكون له أصل وذلك فيما إذا عوقبوا بمخالفة الرسل فيجعلون تلك العقوبة من شؤم هؤلاء الرسل، كأنهم يقولون: لولا أنكم أتيتم إلينا ما حصلت لنا هذه العقوبة، وقد يكون هذا التطير لا أصل له، وإنَّما هو دعوى مجردة من هؤلاء المكذبين، وهم قد يتطيرون بمعنى: أنَّه يحد من حرياتهم فيما تهواه أنفسهم، فيكون هذا شؤمًا وتضيقًا، مثل أن الرسل عليهم الصلاة والسلام ينهونهم عن عبادة الأصنام، وهم يهوون عبادة الأصنام، ومثل أن الرسل تأمرهم بعبادة الله وحده، فيقولون: ضيقت علينا العبادة، فيجعلون هذا التضييق بزعمهم شؤمًا، فيتطيرون بالرسل عليهم الصلاة والسلام، والحاصل أن التطير للرسل له ثلاث حالات:

الأولى: تطير بحد الشريعة من أهوائهم وشهواتهم، فيقولون: هذا تضييق علينا، وهو شؤم في زعمهم.

الثانية: تطير بما يصيبهم من العقوبات بسبب المخالفة فيقولون: هذا شؤمكم.

<<  <   >  >>