للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقوله: {رَحِيمٍ (٥٨)}. وكون (الرحيم) من أسماء الله لا يخفى.

٥ - وفي هذه الآية: إشارة إلى أنهم إنما وصلوا إلى هذه المنزلة برحمة الله لقوله: {مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله" أو قال: "لن يدخل أحد الجنة بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" (١). اللهم تغمدنا برحمتك، فالرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن لا أحد يدخل الجنة إلا أن يتغمده الله برحمته، أي يسبغ عليه الرحمة، فحينئذ يدخل.

* * *

قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)}، قال المؤلف -رحمه الله-[ويقول: {وَامْتَازُوا}] يعني أن القائل الله عز وجل، وفي الجزم بذلك نظر، فقد يكون الله عز وجل هو الذي يقول للمجرمين: امتازوا، وقد يكون القائل ملك من الملائكة، ولهذا لو قال المؤلف: (ويقال) لكان أولى؛ لأن الجزم بأن القائل هو الله يحتاج إلى توقيف، أي: إلى النص من الشارع، {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)} {الْيَوْمَ} المراد باليوم يوم القيامة، فأل هنا فيه للعهد الذكري {أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)} قال المؤلف: [أي: انفردوا عن المؤمنين عند اختلاطهم بهم]، يعني يقال يوم القيامة: امتازوا أيها المجرمون، وتميزوا عن المؤمنين، وانفردوا عنهم؛ لأن طريق المجرمين غيرُ طريق الأبرار، فالأبرار طريقهم إلى الجنة،


(١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل (٦٤٦٣). ومسلم، كتاب صفات المنافقين ٧٥ (٢٨١٦).

<<  <   >  >>