للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)}.

قال المؤلف: [بالياء والتاء] {لِيُنْذِرَ} بالياء الضمير يعود على القرآن {لتنذر} الضمير يعود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن على قراءة التاء قدر المؤلف: [لتنذر به] فكلمة [به] تعود على القراءة الثانية وهي: [لتنذر]، أما القراءة الأولى [لينذر] فلا تحتاج إلى هذا التقدير، ولا شك أن القرآن نفسه منذر، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منذر به، فالقرآن فيه وعيد، وفيه أوصاف لمن يستحق هذا الوعيد، وهذا هو الإنذار، كما أن فيه بشارة، وأوصافًا للمبشرين، وهذا هو التبشير، فالقرآن فيه بشارة وفيه إنذار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - جاء بالقرآن، وأنذر به، وخوف به، ورغب به {مَنْ كَانَ حَيًّا} قال المؤلف: [يعقل ما يخاطب به وهم المؤمنون] {مَنْ كَانَ حَيًّا} هل المراد هنا بالحياة الحياة المعنوية التي هي حياة القلب، أو الحياة الحسية التي هي حياة الجسم؟

الظاهر أنه يشمل الأمرين، ولهذا قال ابن كثير - رحمه الله -: من كان حيًّا على وجه الأرض. يعني من كان حيًّا حياة جسمية؛ لأن رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسالة عامة لجميع الخلق، فهو ينذر من كان حيًّا، أي: ينذر كل حي، أو من كان حيًّا حياة معنوية يعني حياة القلب؛ لأن حي يراد به من يعقل ويتبصر ويؤمن، وعكسه الميت، ميت الجسم، وميت القلب، أما ميت الجسم فلا يمكن إنذاره بالقرآن، لأنه انتقل إلى دار الجزاء، ولا يمكن أن يفهم ولا يعلم، وأما ميت القلب فلأنه طبع على قلبه - والعياذ بالله - فلا يصل إليه النور ولا يصل إليه الحق {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ} قال

<<  <   >  >>