للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ} ولهذا عدل عن قوله: (ما لي لا أعبد الله) إلى قوله: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} ليكون هذا كدليل والتعليل لوجوب إفراده سبحانه بالعبادة، وهذا في القرآن الكريم والسنة كثير.

١٢ - ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّه ينبغي ذكر ما يكون به الحذر والخوف بعد أن يذكر ما يكون الترغيب والحث لقوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)} فذكر ابتداء الخلق وانتهاءه، وأنه كله إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وهنا نجد الفرق بين التعليل الأول {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} ولم يقل "وإليه أرجع" لأنه - كما قلنا - إنما أضاف ذلك إلى نفسه وهو يعني قومه، لكنه أضافه تلطفًا وتوبيخًا لهم، وكأنه يقول: "أنا لا أعبد إلَّا الذي فطرني" فلماذا تعبدون أنتم معه غيره وإليه ترجعون؟ ! .

* * *

{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (٢٣)} قال المؤلف: [أأتخذ في الهمزتين منه ما تقدم في {أَأَنْذَرْتَهُمْ} استفهام بمعنى النفي، فيكون {أَأَتَّخِذُ} أي: لا أتخذ، وقد سبق لنا أن الاستفهام إذا أتى بمعنى النفي فإنه يفيد معنى التحدي، ولكنه هنا يفيد معنى الامتناع، غاية الامتناع، يعني أنَّه لا يمكن أن أتخذ من دونه - أي غيره - {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} معروف أن أتخذ تنصب مفعولين {مِنْ دُونِهِ} هو المفعول الثاني {آلِهَةً} المفعول الأول، ويجوز أن نجعل {مِنْ دُونِهِ} في موضع النصب على الحال من

<<  <   >  >>