للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{آلِهَةً} ويكون الثاني محذوفًا أي: (أأتخذ أصنامًا آلهة) وهذا هو الذي مشى عليه المؤلف لقوله: [أأصنامًا] قال: [{إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ} التي زعمتموها {شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (٢٣)} صفة آلهة، يريد المؤلف في الإعراب أن قوله: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} هذه الجملة الشرطية صفة لآلهة، يعني لا أتخذ آلهة هذا شأنها، وهو أن الله لو أراده بضر لم تنفع شفاعتهم {لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا}، هذا معنى كلام المؤلف.

وقيل: إن الجملة استئنافية لبيان حال هذه الآلهة، أي: أأتخذ من دونه آلهة ثم قال: هذه الآلهة لا تغني شفاعتها شيئًا من دون الله، ولا تنقذ.

ولكن ما ذهب إليه المؤلف أظهر، فتكون الجملة الشرطية في موضع نصب صفة لآلهة قال: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ} يعني إن يردن الله عَزَّ وَجَلَّ، وذكر الرحمن، لأن الرحمن اسم يدل على الرحمة، ولما كان الضر قد يفهم منه من يفهم من الناس انتفاء الرحمة عن المريد، ذكر ذلك باسم الرحمن لئلا يظن ظان، أو يتوهم الواهم هذا الوهم، أن إرادة الله الضر للإنسان تنافي الرحمة، لأن إرادة الضر بالإنسان قد يكون من رحمة الإنسان. قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)} (١) فما يصيب الإنسان من الضر له نتائج حميدة وهي الرجوع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، والاعتبار


(١) سورة الروم، الآية: ٤١.

<<  <   >  >>