بما جرى، {لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} أي لا تنفعني بشيء، والشفاعة في الأصل هي: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة. فهذه الأصنام التي تعبد من دون الله يدعي عابدوها أنهم إنما عبدوها لتقربهم إلى الله كما قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}(١) إذًا فهم يدعون أنهم يعبدونها لتشفع لهم، وهل هذا الوهم أو هذا الظن صحيح؟ الجواب: لا، لأنهم عبدوها ولم يتخذوها وسيلة، بل جعلوها غاية، ولهذا لا يخطر في قلوبهم حين التعبد لها إلَّا التعظيم لهذه الأصنام وينسون الخالق عَزَّ وَجَلَّ، {وَلَا يُنْقِذُونِ} أَي من الهلكة، أو الضر الذي أراده الله تعالى بهم.
الفوائد:
١ - بيان الإنكار والتسفيه والتوبيخ للذين يتخذون مع الله آلهة، لأن المراد من الاستفهام: الإنكار والتسفيه والتوبيخ لهؤلاء.
٢ - ومن فوائدها: أنَّه ينبغي قرن الحكم بالتعليل لأنه قال: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ... } إلى آخره، فهذه الآلهة لا تنفع، ولا تضر، ولا تدفع، فهي لا تنفع من عبدها، ولا تضر من عدل عنها، ولا تدفع عن عابديها ضرر الغير، يقول عَزَّ وَجَلَّ:{إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} فهم لا يستطيعون دفع ضرر الغير، وهم - أي الآلهة - لا ينفعون عابديهم، ولا يضرون من عدل عن عبادتهم فهي قاصرة بنفسها لا