للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين أرسلوا إلى أنطاكية، كانوا بعد موسى عليه الصلاة والسلام ولم يهلك الله تعالى أمة على سبيل العموم بعد أن نزلت التوراة، هكذا قال كثير من العلماء، لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} " (١) قالوا: هذه الآية تدل على أن الله لم يهلك أمة على سبيل العموم بعد نزول التوراة، وهذه الآية {فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩)} تدل على أنهم هلكوا.

* * *

{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)} قال المؤلف - رحمه الله -: [هؤلاء ونحوهم ممن كذبوا الرسل فأهلكوا، وهي - أي الحسرة - شدة التألم، ونداؤها مجاز، أي: هذا أوانُكِ فاحضري] قوله: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} الحسرة هي: شِدة الندم والتألم والحزن على ما مضى، قال الله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} (٢) - أي ندمات وعناء - وقوله: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} قيل: إن القائل هم المكذبون، وأنهم تحسروا على أنفسهم، وقالوا: يا حسرة على العباد، ثم بينوا السبب كما سيأتي.

وقيل: إن الحسرة من اتباع الرسل، يعني من هذا الرجل ونحوه يتحسر على هؤلاء العباد.


(١) سورة القصص، الآية: ٤٣.
(٢) سورة البقرة، الآيتان: ١٦٦، ١٦٧.

<<  <   >  >>