للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيرد علينا إشكال: إذا قلنا لا معنى لها، فكيف يأتي الله عز وجل في كتابه العظيم بكلام لغو لا معنى له؟

والجواب على هذا أن يقال: إن له مغزىً عظيمًا، هذا المغزى هو أنكم أيها العرب الذين عجزتم عن معارضة القرآن والإتيان بمثله عجزتم عن ذلك، لا لأن القرآن أتى بحروف جديدة، أو كلمات جديدة، بل هو من الكلمات التي تكونون منها كلامكم، حروف هجائية، ولهذا قلَّ أن تجد سورة مبدوءة بهذه الحروف الهجائية إلا وبعدها ذكر القرآن، مما يدل على أن هذا هو المراد بها، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وقبله الزمخشري أيضًا في تفسيره، وغيرهم من العلماء، على أن هذه حروف هجائية جيء بها لأجل إظهار عجز العرب عن معارضة هذا القرآن، مع أنه لم يأت بجديد في كلامهم.

{وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢)} الواو للقسم فلها معنى، ولها عمل، عملها الجر، ومعناها التأكيد، والقسم: تأكيد الشيء بذكر معظم على صورة مخصوصة، ولابد أن يكون المحلوف به معظمًا ولو تقديرًا في ذهن المقسم، كأن المقسم المعظم يقول: بقدر تعظيمي لهذا الشيء وتأكدي منه وإثباتي له أؤكد المحلوف عليه.

ولهذا لابد أن يكون المحلوف به معظمًا، وإلا لكان الحلف لا فائدة منه. ثم قد يكون عظيمًا في ذاته حقيقة، وقد يكون معظمًا باعتبار المقسم به، فالذين يحلفون باللات والعزى يحلفون بمعظم لا بعظيم؛ لأنه معظم عندهم، لكنه ليس بعظيم في نفسه، والذين يقسمون بالله وآياته، يحلفون بعظيم وبمعظم في قلوبهم،

<<  <   >  >>