للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩)} قال المؤلف: {سَدًّا} [بفتح السين وضمها في الموضعين]، قراءتان سبعيتان، أي: سُدًا وسَدًّا {فَأَغْشَيْنَاهُمْ} أي أغشينا أبصارهم، جعلنا عليها غشاوة بحيث لا تبصر، ولهذا قال المؤلف: {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩)} [تمثيل أيضًا لسد طرق الإيمان عليهم] ليس هناك سد حقيقي كالجدار مثلًا، أو ثوب ساتر بل هذا من باب التمثيل، كأنهم لبعدهم عن الإيمان -والعياذ بالله- وانحجاب رؤيتهم إياه كأنهم جعل بينهم وبينه سد من بين أيديهم فلا يتقدمون، ومن خلفهم فلا يتأخرون، فهم ثابتون على الكفر لا يتقدمون ولا يتأخرون، ومع ذلك فإن أبصارهم عليها غشاوة لا تبصر الحق ولا تنظر إليه ولهذا قال: {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} فِتأمل أيضًا حالهم الآن، أيديهم مغلولة إلى أعناقهم من تحت الأذقان وهم رافعون رؤوسهم، ومع ذلك بينهم وبين الإيمان سد من الإمام ومن الخلف، فهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى الإيمان، ولا أن يصل إليهم الإيمان.

فنستفيد من هاتين الآيتين الكريمتين فوائد:

١ - أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يحجب الإيمان عن الشخص جعله كالمغلولة يده إلى عنقه لقوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا}.

٢ - أن هذا الذي جعلت يده إلى عنقه على سبيل الغل كأنه مكره أن يكون على هذه الحال، وهكذا الشيطان يوسوس للإنسان حتى يوقعه في الهلاك كأنه مكره على ذلك، ألم تروا إلى ما جري

<<  <   >  >>