للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباده سبحانه وتعالى ما يوصلهم إليه، وإلَّا لضلوا، إذًا هذه المكابرة وهي: دعوى أن الرحمن ما أنزل من شيء يكذبها العقل والشرع، لأن العقل يوجب أن ينزل الله على العباد شريعة يتعبدون بها له لتوصلهم إليه، إذ إن العقل لا يهتدي كيف يعبد الله، والشرع أوجب الله تعالى على نفسه أن يبلغ عباده شريعته، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)} (١) وقال تعالى في القرآن الكريم: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} (٢) حيث أوجب الله على نفسه أن يهدي عباده، وهذه هداية البلاغ لا هداية التوفيق، ولو كانت هداية التوفيق لاهتدى كل أحد.

قوله: {إِلَّا تَكَذِّبُونَ (١٥)}. الكذب هو: الإخبار بخلاف الواقع، إذًا أنتم أخبرتمونا إنكم رسل، والواقع إنكم لستم برسل، ماذا قالوا لهم، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {قَالُوا لَمُرْسَلُونَ (١٦)} الآن أكدوا الرسالة بثلاثة مؤكدات:

الأول: {رَبُّنَا يَعْلَمُ} لأن هذا جاري مجرى القسم.

والثاني: {إِنَّا}.

والثالث: اللام. لشدة إنكارهم.

فإذا قلنا: إن هذه ثلاثة مؤكدات مع التأكيد الأول وهو زيادة الثالث، صار أكدت الرسالة بأربع مؤكدات. {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ}. قال المؤلف: [جاري مجرى القسم، وزيد التأكيد به وباللام على ما قبله لزيادة الإنكار، أربع مؤكدات، لكن المؤلف


(١) سورة الليل، الآيتان: ١٢، ١٣.
(٢) سورة القيامة، الآية: ١٩.

<<  <   >  >>