للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)} يقول المؤلف - رحمه الله -: [القمر بالرفع، والنصب]، ففيه وجهان في الإعراب: القمرُ بالرفع على أنَّه مبتدأ، وخبره {قَدَّرْنَاهُ}. والقمرَ بالنصب على أنَّه مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور، فيكون من باب الاشتغال، وهنا يتساوى الرفع والنصب في الرجحان؛ لأن الجملة التي قبله {وَالشَّمْسُ تَجْرِي} جملة اسمية، خبرها فعل، فلهذا جاز في القمر الوجهان، والمعروف أنَّه يترجح الرفع إذا عطف المشغول عنه على جملة اسمية، ويترجح النصب إذا عطف على جملة فعلية. قال المؤلف [وهو منصوب بفعل يفسره ما بعده] يعني يفسره المذكور والتقدير على هذا: (وقدرنا القمر منازل) ولا حاجة أن نقول كما يقول بعض الناس: التقدير وقدرنا القمر قدرناه؛ لأنه لا يجمع بين المفسِّر والمفسَّر، فإذا أردت أن تقدر فقل: التقدير (وقدرنا القمر منازل).

فإذا قلت: لماذا لم يقل عَزَّ وَجَلَّ (وقدرنا القمر منازل).

قلنا: لأنه إذا أتى بالجملة الاسمية التي خبرها فعل صار كأنه أسند هذا إليه مرتين، أي: أسند الفعل الذي هو التقدير إلى القمر مرتين مرة بذكره اسمًا ظاهرًا، ومرة بذكره اسمًا مضمرًا {قَدَّرْنَاهُ} قال تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ} وتقدير الله عَزَّ وَجَلَّ للقمر منازل، لأنه بهذا التقدير يمكن أن يأتي على هذا الوجه الذي نشاهده، يتغير كل ليلة عن الأخرى، ولولا هذا التقدير ما تغير، لكنه مقدر منازل ثمانية وعشرين منزلًا، على حسب النجوم

<<  <   >  >>