للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعروفة عند العرب، فكل ليلة ينزل منزلة، ويبقى ليلة واحدة إن كان تسعًا وعشرين ليلة، أو ليلتان إن كان ثلاثين، وتسمى هاتان الليلتان ليالي الاستسرار - يعني الاختفاء - يختفي فيها القمر، إما في أول الشهر التالي أو في آخر الشهر السابق، ومن أراد التفصيل العلمي فليقرأ ما كتبه أهل العلم في ذلك، ولا سيما في عصرنا هذا، فإنهم اطلعوا على أشياء عجيبة في هذا التقدير، والقمر قدره الله منازل كل يوم منزلة فهو يختلف كل ليلة عن الأخرى، ولهذا يبدو صغيرًا، ثم يكبر، ثم يعود ويصغر، بحسب قربه من الشمس، كلما قرب من الشمس ضعف نوره، لأن نور القمر مستمد من نور الشمس، هو نفسه ليس به إضاءة، جرم مظلم كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (١) فهو جرم مظلم لا يستفيد نورًا إلَّا بغيره، فإذا قابل الشمس حصل فيه النور، وكلما أبعد عنها كثرت المقابلة؛ لأن السير كروي، فكلما قرب ضعفت المقابلة، فإذا ارتفع زادت المقابلة، ولهذا يمتلئ نورًا فيما إذا كان في المشرق، والشمس في المغرب لتمام المقابلة حينئذ، فيمتلئ نورًا، والجزء المنيِّر من القمر هو الذي يلي الشمس، ولهذا تجده في أيام الشتاء إذا كانت الشمس خلفه تكون فتحة قوسه نحو المشرق، وفي أيام الصيف تكون فتحة قوسه نحو الجنوب، لأن الشمس تكون عنه شمالًا، ويكون عنها جنوبًا فنجد فتحته نحو الجنوب، ولهذا يغلط بعض الناس الذي يظن أن اتجاه فتحة القمر - أي فتحة


(١) سورة الإسراء، الآية: ١٢.

<<  <   >  >>