للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوسه - دائمًا إلى المشرق، أو الجنوب، هذا ليس بصواب، وإذا أردت أن تعرف هذا فتدبره {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)} أي: عاد القمر بعد تقدير هذه المنازل كالعرجون القديم، والعرجون هو: أصل الشماريخ الذي في طلع النخل، وهو إذا يبس يتقوس ويصفر، فشبه الله عَزَّ وَجَلَّ القمر في رؤية العين بهذا العرجون القديم، أي: أنَّه يبدو دقيقًا أصفرًا متقوسًا.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية الكريمة: أن هذا القمر آية من آيات الله عَزَّ وَجَلَّ، حيث هو موضوع في فلكه، ومع ذلك له منازل ينزلها كل ليلة، فليس مطلقًا ولكنه مقدر بمنازل ينزلها كل ليلة، والحكمة من هذه المنازل هي أن يعرف الناس عدد السنين والحساب كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} (١) حتَّى إن العالمين بمنازل القمر يعرفون الليلة من الشهر وإن كانوا لم يحسبوا من أول الأمر، بناء على معرفة المنازل، لأن هذه المنازل لا تتغير، وحلول القمر فيها أيضًا لا يتغير، فهي منظمة من عند الله عَزَّ وَجَلَّ.

٢ - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات القياس لقوله: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)} وكل تشبيه، أو مثل في القرآن الكريم فإنه يدل على القياس، لأن التشبيه، أو المثل إلحاق شيء بشيء لعلة، وهي التي تسمى في البلاغة وجه الشبه.


(١) سورة يونس، الآية: ٥.

<<  <   >  >>