للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ومن فوائد الآية الكريمة: إطلاق القديم على غير الله خلافًا للمتفلسفة، أو الفلاسفة الذين يقولون: إن أخص وصف الله هو القدم. وهذا خطأ، فلو كان هذا أخص وصف الله لم يوصف به سوى الله، والقدم لا يدل على الأزلية، فهذا العرجون وصفه الله بأنه قديم ومع ذلك فإنه ليس أزليًّا، إذ إنه حادث بعد أن لم يكن، وبه يتبين بطلان قول هؤلاء الذين يقولون: إن أخص وصف الله عَزَّ وَجَلَّ هو القدم. ولو قالوا: أخص وصف هو الأولية، لكنا نوافقهم على ما قالوا؛ لأن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، أما أن نقول: إن القدم أخص وصف الله مع أنَّه يوصف به الحادث فهذا لا يكون، ولا يصح.

٤ - ومن فوائد الآية الكريمة: فيها دليل على قدرة الله من حيث نور القمر، حيث يبتدئ ضعيفًا، ثم يزداد في القوة، ثم يرجع إلى الضعف، فإن هذا من قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ، إذ لو شاء لجعله ممتلئًا دائمًا، أو ناقصًا دائمًا.

٥ - وفيها أيضًا من الفوائد: الإشارة إلى حال الإنسان، فإن الإنسان إذا تدبر القمر وجد أنَّه مطابق لحال الإنسان، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} (١) فحال الإنسان مساوية تمامًا لحال القمر، فالقمر يبدو ضعيفًا، ثم يزداد في القوة حتَّى إذا تكامل في القوة أخذ في النقص، وهكذا الإنسان بالنسبة لحياته.

* * *


(١) سورة الروم، الآية: ٥٤.

<<  <   >  >>