للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماء الزلال الصافي الحلو العذب يجده المريض مرًّا، فإذا مرض الإنسان ذاق الماء الذي كان عذبًا في مذاقه من قبل يجده الآن مرًّا، لا لأن الماء مر، ولكن لأن المحل غير قابل، فيجد هذه العذوبة مرارة.

* * *

ثم قال تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)} قال: {إِنَّمَا تُنْذِرُ} هذه الجملة فيها حصر طريقه: "إنما" والتقدير: "لا تنذر إلا من اتبع الذكر" وقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} المراد بذلك. إنما تنذر الإنذار النافع، كأنه قال: لا ينتفع بإنذارك إلا من اتبع الذكر، ولهذا قال المؤلف: [ينفع إنذارك من اتبع الذكر: القرآن].

والمراد بالاتباع في قوله: {مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} المراد باتباع الذكر شيئان:

الشيء الأول: تصديق الخبر، واعتقاده مقتضاه.

والثاني: امتثال الأمر، واجتناب النهي.

هذا اتباع الذكر فمن استكبر عما فيه من الأمر، أو النهي فإنه لم يتبعه، ومن لم يصدق بأخباره فإنه لم يتبعه، فلا يتحقق اتباع الذكر إلا بهذين الأمرين: تصديق الأخبار، اتباع الأحكام: فعلًا للمأمور وتركًا للمحظور، وقوله: {الذِّكْرَ} المراد به القرآن، لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} (١) وسمي القرآن ذكرًا:


(١) سورة الحجر، الآية: ٩.

<<  <   >  >>