للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العذاب، ومن حقت عليه الكلمة فلا يمكن أن يؤمن، سواء أنذر أم لم ينذر.

٥ - أن الأمر كله بيد الله عز وجل، فهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ولكن هذا مقرون بالحكمة، فمن اقتضت حكمة الله عز وجل أن يهتدي هداه الله، ومن اقتضت حكمته أن يضل أضله الله، وهذا مبني على قوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (١) وحينئذ يكون حرمان الله الهداية للشخص، يكون الشخص هو السبب في حرمان نفسه الهداية؛ لأنه ليس أهلًا لها، فالله عز وجل ينظر في قلوب العباد من وجد في قلبه صلاحية للهدي هداه، ومن وجد في قلبه عدم الصلاحية لم يهده، فأصل بلائك من نفسك.

٦ - ومن فوائد الآية الكريمة: أن الضال -والعياذ بالله- الذي كتبت عليه الضلالة لا يبصر الحق وإن كان الحق بينًا واضحًا فإنه لا يبصره، يكودن على بصره غشاوة، كما أنه لا يعقله أيضًا لقوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} (٢) الذي يعتقد أن القرآن أساطير الأولين وأنه لا يفيد، وأنه بمنزلة سواليف العجائز، يري هذه الرؤية في كتاب الله عز وجل، لأنه فاسد القلب، قلبه قد ران عليه ما كان يكسبه من الأعمال السيئة فلم ير الحق حقًّا.

ومن يكُ ذا فم مر مريض ... يجد مرًّا به الماء الزلالا


(١) سورة الصف، الآية: ٥.
(٢) سورة المطففين، الآيتان: ١٣، ١٤.

<<  <   >  >>