للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لإفادة الحصر، لكنه حصر إضافي لسهولته كأنه لا أكل لهم إلَّا من هذا السهل المتيسر {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ} أي بساتين {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} هذا غير الحب؛ لأن الخارج من الأرض يكون حبًّا، ويكون ثمرًا، الحب من الزروع، والثمر من الأشجار {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ} {جَعَلْنَا} بمعنى صيرنا، فهو ناصب لمفعولين، المفعول الأول {جَنَّاتٍ} والثاني: {فِيهَا} و {جَنَّاتٍ} جمع جنة وهي البستان الكثير الأشجار، سميت بذلك لأنه يجن من دخله وكان فيه لاستتارته به، وأصل هذه المادة - الجيم والنون - تدور على لعذا المعنى، أي: على الاستتار والخفاء، ومنه سمي القلب: جنانًا؛ لاستتاره، ومنه سمي: الجن؛ لاستتارهم وخفائهم، ومنه سمي الجُنة: الوقاية؛ لأن الإنسان يستتر بها، فكل هذه المادة تدل على الخفاء والاستتار، فالبستان الكثير الأشجار المتشابكة إذا كان فيه أحد لا يرى؛ لأن هذه الأشجار تستره {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} النخيل والأعناب معروفة، ونص الله عليها لأنها طعام وقوتَ لا يحتاج إلى مؤنة، ولهذا يقتات رطبًا ويابسًا، فيقتات رطبًا كالرطب في التمر، وكالعنب في العنب، ويابسًا كالتمر الذي يؤول إليه الرطب، وكالزبيب الذي يؤول إليه العنب، فجمع الله بينهما؛ لأنهما قوت حلو لا يحتاج إلى مؤنة طبخ، وينتفع به رطبًا ويابسًا، {وَفَجَّرْنَا فِيهَا} أي في الأرض {مِنَ الْعُيُونِ (٣٤)} قال المؤلف [بعضها]. ويجوز أن تكون {مِنَ} لبيان الجنس ويكون هذا عامًّا، وهو الأقرب أي: فجرنا فيها من العيون عيونًا كثيرة، وأصنافًا متنوعة، فمنها العيون الجارية

<<  <   >  >>