للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّلَامِ} (١) ويجوز أيضًا أن يكون الخبر قوله: {مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} أي سلام بالقول واقع من الله عز وجل، وهذه الوجوة لا ينافي بعضها بعضًا من حيث المعنى، فإن المعنى كله واحد وهو أن الله تعالى يسلم عليهم بالقول، ويقول لأهل الجنة: سلام عليكم، وقوله: {مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} الرب في اللغة العربية يطلق على عدة معانٍ:

فيطلق على رب العالمين عز وجل، وهو بهذا المعنى يشمل الخلق، والملك، والتدبير، فالرب هو الخالق المالك المدبر.

ويطلق الرب على الصاحب، مثل قولهم: رب البيت، أي صاحب البيت، ومثل قوله عليه الصلاة والسلام في ضالة الإبل: "معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها" (٢)، أي: صاحبها.

وقوله: {مِنْ رَبٍّ} المراد به المعنى الأول يعني الله تعالى، فالله تعالى هو الرب، أي: الخالق، المالك، المدبر و {رَحِيمٍ} من الرحمة وهي صفة ذاتية، لم يزل الله سبحانه وتعالى ولا يزال متصفًا بها، لكن أفرادها تجدد باعتبار المرحوم، فالله عز وجل يرحم من يشاء، ومعلوم أن المرحوم يتجدد، فرحمة الله تعالى لهذا المرحوم تتجدد، أما أصل المعنى فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال رحيمًا، وأهل السنة والجماعة وهم السلف يفسرون "الرحمة" بمعنى يليق بالله عز وجل. وأهل التحريف يفسرون


(١) سورة يونس، الآية: ٢٥.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب اللقطة، باب ضالة الغنم (٢٤٢٨) ومسلم، كتاب القطة، باب معرفة العفاص (١٧٢٢).

<<  <   >  >>