للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثامنة، فيكون بين غروبها وطلوعها ثمان ساعات، لأن هذا خلاف التقدير الذي قدره الله عَزَّ وَجَلَّ لها، والذي جعلها تسير عليه لتمام قدرة الله تعالى، ونظام هذا الكون، وأنه لا يمكن أن يختلف أو يضطرب، لكن إذا جاء يوم القيامة فإنه يُجمع الشمس والقمر ويختل نظام الفلك، بل كل النظام يختلف {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨)} (١).

{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} أي: الليل لا يسبق النهار، بل لا يأتي إلَّا بعده، وهنا قال: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} كان اليل هو الذي يمكن أن يسبق النهار، فنفى الله عَزَّ وَجَلَّ أن يسبق الليل النهار، قيل: المراد أن الليل لا يأتي قبل انتهاء النهار، فيكون الله عَزَّ وَجَلَّ ذكر الشروق في قوله: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يعني لا يمكن للشمس أن تطلع في الليل {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} أي لا يمكن لليل أن يأتي في زمن النهار، فإذا قدرنا أن الشمس تغرب الساعة الثانية عشرة، فلا يمكن أن تغرب الساعة التاسعة مثلًا؛ لأنها لو غربت الساعة التاسعة لسبق الليل النهار ولو في بعض أجزائه.

وقيل: المعنى {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} أي: لا الليل يحل محل النهار فيتوالى ليلتان سواءً.

والمعنى صحيح على كلا القولين، فلا يمكن لليل أن يأتي وقد بقي شيء من النهار، ولا يمكن أن يأتي الليل كله في مكان النهار؛ لأن هذا ينافي تقدير الله عَزَّ وَجَلَّ الذي سمى نفسه بأنه


(١) سورة إبراهيم، الآية: ٤٨.

<<  <   >  >>