{بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)} (ما) مصدرية، أي: بكونكم تكفرون، والباء للسببية، أي: بسبب، وقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)} أي تكفرون به بالدنيا، فقد كفروا بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، وبكل ما أخبر الله به، ولهذا لم يقوموا بطاعته؛ لأنه ليس عندهم إيمان، وإنما يقال لهم {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)} لإقامة الحجة عليهم، وبيان أنهم لم يظلموا، ولهذا {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩)} (١).
الفوائد:
١ - من فوائد الآية الكريمة: بيان أن هؤلاء المكذبين يأمرون أمر إهانة وإذلال ليصلوا النار لقوله: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ}.
٢ - ومن فوائدها: إثبات الأسباب لقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)} وإثبات الأسباب أمر معلوم بالشرع والعقل والحس، ولا ينكر إثبات الأسباب إلا جاهل بحقيقة الواقع، فإنه لا أحد ينكر أنك إذا رميت الزجاجة بحجر انكسرت به، وإذا ألقيت الخرق في النار احترق بها، ولا ينكر هذا إلا شخص مكابر في الواقع، ومع هذا فالأسباب لا تفعل بذاتها، ولا تؤثر بذاتها بل بخلق الله سبحانه وتعالى التأثير فيها، وحينئذ لا يكون في إثبات الأسباب شيء من الشرك، خلافًا لمن زعم أن إثبات تأثير الأسباب نوع من الشرك؛ لأننا نقول: إن هذه الأسباب إنما تؤثر