للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو (إنا)، وأكدت بمؤكد معنوي وهو زيادة الرسول.

ولو قال قائل: هل المقام مقام تأكيد على سبيل الاستحسان، أو على سبيل الوجوب؟

قلنا: على سبيل الوجوب، فإذا قال: القاعدة أنَّه إذا كان على سبيل الوجوب فإن التأكيد يتكرر، يعني يؤتى بإن، واللام، والقسم، قلنا: هذا المؤكد مكرر، لكنه من نوعين: تأكيد باللفظ (إنا) وتأكيد بالمعنى تقويتهم بثالث: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤)} مرسلون من قبل الله عَزَّ وَجَلَّ، وهم يعلمون ذلك أنهم ما دعوا الرسالة من شخص وإنَّما هي من الله، فكان جواب هؤلاء جواب غيرهم من المكذبين، والمكذبون يردودت أقوال الرسول، أحيانًا بنفي، وأحيانًا بإثبات، ففي النفي يقولون: {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ} وكما قال تعالى: {قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٠) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} يعني نسلم إنا بشر مثلكم {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} (١) هذا جواب بالنفي. يعني أنتم بشر لستم ملائكة حتَّى نقبل، وأحيانًا بالإثبات {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢)} (٢) فصاروا أحيانًا يتهمون الرسل بالسحر والجنودت، وأحيانًا بالنفي يقولون: ما أنتم ملائكة حتَّى تكونوا رسلًا إلينا، ما أنتم إلَّا بشر مثلنا، فليس ببدع أن يقول أصحاب هذه القرية لهؤلاء الرسل: {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ


(١) سورة إبراهيم، الآيتان: ١٠ - ١١.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٥٢.

<<  <   >  >>