للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالناس تعلموا كيف يصنعون السفن، وصاروا يصنعون مثل هذه السفن، ولعل قوله تعالى في سورة القمر: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣)} (١) فيها الإشارة إلى مواد هذه السفينة، أو الفلك لأجل أن يتعلم الناس، لأنه لم يقل (حملناه على فلك) بل قال: {عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} كأنه يقول: إن هذه الفلك مصنوعة من الألواح والمسامير، حتى يتعلم الناس مواد هذه الفلك. {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢)} {مِنْ مِثْلِهِ} المراد بمثله هنا الجنس، وليس المراد المماثلة من كل وجه، وذلك لأن المماثلة من كل وجه قد تكون متعذرة، لكن يكفي الجنس، أما النوع فيختلف باختلاف الأعصار، فلكل عصر نوع سفنه، وما زالت ترتقي السفن في البحار إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في عهدنا الحاضر، قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: [بتعليم الله تعالى] إشارة إلى سؤال مقدر كأنه قال: كيف قال الله {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ}؟ وهذه السفن مصنوعة بأيدي البشر وليست بخلق الله كخلق البعير التي نركب والفرس وما شابهها؟ فأجاب المؤلف: بأن الله تعالى أضاف خلقها إليه لأنها كانت بتعليمه سبحانه وتعالى.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية الكريمة: أن المماثلة قد لا تقتضي المساواة من كل وجه، لقوله: {مِنْ مِثْلِهِ} وليست السفن الموجودة والتي كانت في عهد نزول القرآن ليست كمثل سفينة نوح من كل وجه، ويدل على أن المماثلة قد لا تقتضي المساواة


(١) سورة القمر، الآية: ١٣.

<<  <   >  >>