نُغْرِقْهُمْ} وهم في سفنهم {فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ} الصريخ بمعنى المغيث، وسمي المغيث صريخًا؛ لأن عادة الإنسان إذا هاجمه أحد صرخ يستغيث، ومنه حديث غزوة بدر أن أبا سفيان بعث صارخًا إلى أهل مكة يستغيثهم {وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣)} أي: لا أحد يغيثهم، ولا أحد ينقذهم إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يغرقهم {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤)} أي لا ينجيهم أحد إلا رحمة الله عز وجل، والاستثناء هنا قيل: إنه منقطع؛ لأن قوله: {وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا} بمعنى: لكن رحمة منا ينجون وينقذون، وقوله: {وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤)} أي أنهم يمتعون إلى حين أجلهم؛ لأن الله تعالى جعل لكل شيء قدرًا، أي لا ينجيهم إلا رحمتنا لهم، وتمتيعنا إياهم بلذاتهم إلى انقضاءآجالهم.
الفوائد:
في الآيتين الكريمتين فوائد:
١ - منها: إثبات مشيئة الله عز وجل لقوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ}.
٢ - ومنها: أن الله إذا أراد بقوم سوءًا فلا مرد له، لقوله: {فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣)}.
٣ - ومنها: بيان نعمة الله سبحانه وتعالى بإنجائهم من الغرق، وأن نجاتهم من الغرق ليست بكسبهم وعملهم، ولكنها من رحمة الله عز وجل.
٤ - ومنها: إثبات رحمة الله عز وجل لقوله: {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا}.