للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنهم كانوا بين النفختين نائمين لم يعذبوا].

قوله -رحمه الله- يا للتنبيه. بناءً على أن الويل ليس له عقل وإرادة، وإذا وجه النداء إلى من ليس له عقل ولا إرادة كان للتنبيه.

ولكن لو قيل: إن (ياء) للنداء بدليل أنها عملت فيما بعدها، لأن {يَاوَيْلَنَا} منصوب بياء النداء، كأنه قال: يا ويلنا أحضر، وهذا نظير قوله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} (١) ونظير قوله تعالى: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}.

والويل هو الهلاك، وهو مصدر ليس له فعل من لفظه، كما تكون بعض أسماء الأجناس ليس لها مفرد من لفظها، كإبل ليس لها مفرد من لفظها، وتكون بعض الأفعال ليس له مصدر مثل (يذروا) فإن أكثر النحويين يقولون: إنه ليس لها مصدر. وبعضهم يقول: لها مصدر وهو الوذر. {مِنْ} للاستفهام التعجبي أي ما الذي أخرجنا {مِنْ مَرْقَدِنَا} والمرقد مكان الرقادة، والمراد بها القبور، أي: من بعثنا من هذه الأمكنة التي كنا راقدين فيها. واختلف العلماء في هذا: هل إنهم يرقدون ثم يستيقظون عند النفخة الثانية، أو أن وجودهم في القبور بالنسبة إلى ما يشاهدونه في القيامة كأنه رقود، لأن الشيء إذا نسب إلى ما هو أعظم منه صار هينًا؟

القول الأخير هو الأصح، وهو الذي مشى عليه ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره، لأنه ليس هناك دليل على أنهم ينامون


(١) سورة الزمر، الآية: ٥٦.

<<  <   >  >>