للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} (١) وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت إلى الناس كافَّه" (٢) والنصوص في هذا كثيرة متوافرة، ومن كذَّبها فقد كذب رسالته إلى العرب أيضًا؛ لأن الجنس واحد.

لكن قد يقال: لماذا خص العرب؟

فيقال: خصهم لأمرين:

الأول: أنه منهم، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا} (٣).

والثاني: أنه باشر دعوتهم بنفسه، وهدى الله العرب على يديه قبل موته، ثم انتشرت رسالته في الآفاق، وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- هنا قاعدة وهي: "أن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافقه لا يقتضي التخصيص" كما ذكر ذلك أهل الأصول كالشنقيطي -رحمه الله- في تفسيره وغيره، وأن هذا هو رأي الجمهور، وهو الحق، فذكر بعض أفراد العام بحكم لا يقتضي التخصيص إذا كان يطابق حكم العام، فإذا قلت: أكرم الطلبة. ثم قلت: أكرم زيدًا. وهو منهم، فإنه لا يقتضي تخصيص الإكرام به؛ لأن الحكم هنا موافق للحكم العام، وذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام ليس تخصيصًا له.

٣ - ومن فوائد الآية الكريمة: سب هؤلاء الذين غفلوا عن الرسالات لقوله: {فَهُمْ غَافِلُونَ (٦)} وأن الغفلة عن البحث عن


(١) سورة الفرقان، الآية: ١.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (٤٣٨) ومسلم، كتاب المساجد، باب المساجد ومواضع الصلاة ٥ (٥٢٣).
(٣) سورة الجمعة، الآية: ٢.

<<  <   >  >>