للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥)} (١) {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} (٢) والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار" (٣)، والأمر هين على الله سبحانه وتعالى يقول: (كن) فيكون، فيقول: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} أي: حولنا صورهم إلى صور أخرى من القردة والخنازير، أو جعلناهم حجارة، أو أننا أبقيناهم ماكثين كالجماد. المهم أن الله سبحانه وتعالى لو شاء لمسخهم وأبقاهم في مكانهم لا يتحركون، ولهذا قال: {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (٦٧)} أي فما استطاعوا أن يمضوا؛ لأنهم مسخوا على مكانتهم وبقوا ثابتين، ولا يستطيعون أن يرجعوا، والذي لا يستطيع أن يمضي ولا يرجع ثابت، كالعمود لا يتقدم أمامًا ولا يتأخر خلفًا، لو شاء الله عز وجل لمسخهم على هذا حتى ظهر أمرهم محسوسًا، أما بالنسبة للخير والتقدم إليه فهم لم يتقدموا للخير، ولكن تأخروا عنه إلى الشر، ولهذا كان سيرهم الذي يسيرون عليه في العمل عكس الاتجاه الصحيح، بل مضاد له تمامًا.


(١) سورة البقرة، الآية: ٦٥.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦٠.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب إثم من رفع رأسه قيل الإمام (٦٩١) ومسلم، كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما ١١٤ (٤٢٧).

<<  <   >  >>