وقالوا:{لَسْتَ مُرْسَلًا}(١) وهذا طعن في الرسالة، وقالوا: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مجنون، وشاعر، وكاهن، وساحر، وهذا أيضًا عيب في شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن المعلوم أن الإنسان بشر سوف يتأثر إذا صودمت دعوته في لبها وأصلها وقيل: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} والإنسان إذا صودم قوله الفقهي مثلًا يحس بنفسه بضغط، لكن إذا كان سيهدم أصله يكون أشد وأعظم، وإذا عيب عيبًا ذاتيًّا يكون أشد وأشد.
ولهذا يُسلي الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه التوجيهات {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}.
{إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦)}. هنا يجب الوقوف على قوله:{قَوْلُهُمْ} لأنك لو وصلت لأوهم أن تكون جملة {إِنَّا نَعْلَمُ} من قولهم، وليست كذلك بل هي جملة استئنافية لبيان حال هؤلاء الذين يقولون ما يقولون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به، وحالهم أنهم مهددون بعلم الله عز وجل لما يسرون وما يعلنون، ما يسرونه فيما بينهم، وما يعلنونه للناس، ما يسرونه في أنفسهم، وما يبدونه لغيرهم، فعندنا إسراران:
الإسرار الأول: إسرار الإنسان ما في نفسه بحيث لا يعلم به أحد.
الإسرار الثاني: إسرار الأمر بينهم فلا يخرج لغيرهم، ونضرب لهذا مثلًا: