الناس ولا يأخذون ولا يطلبون على دعوتهم من الناس أجرًا، لكنهم يرجون من الله الأجر، أما من الناس فلا يأخذون أجرًا، فهم لا يتخذون أجرًا على دعوتهم وعلى دلالتهم إلى الخير فإنما يرجون الأجر والثواب من الله {أَجْرًا} هنا محلها من الإعراب مفعول ثان، والكاف مفعول أول، وهذان المفعولان من باب مفعولي، كسا وأخواتها {وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)} فبين هنا أن هؤلاء الرسل على هدى وليسوا على ضلال، وهم لا يسألون أجرًا على ما دعوا إليه، وقوله: {وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)} يحتمل أن تكون الواو للاستئناف، وهو الأقرب لبيان حال هؤلاء الدعاة أنهم على هدى، ويحتمل أن تكون للحال أي: لا يسألونكم أجرًا مع كونهم مهتدين. ثم قال المؤلف:[فقيل له: أنت على دينهم؟ فقال: وما لي لا أعبد الذي فطرني] ما قدره المؤلف - رحمه الله - من أنَّه قيل للرجل: أنت على دينهم؟ لا يتعين، بل يجوز أن يكون الرجل قال:"وهم مهتدون وما لي لا أعبد الذي فطرني" على أن المراد به هؤلاء القوم كأنه قال: (وما لكم لا تعبدون الذي فطركم) لكن أضافه إلى نفسه من باب التلطف بالخطاب، هذا هو الأقرب لأمور:
أولًا: أن ما ذكره المؤلف لا دليل عليه، والسياق لا يستلزمه، وإذا كان لا دليل عليه من حيث النقل، ولا دليل عليه من حيث السياق؛ لأنه لا يستلزمه فالأصل عدمه.
ثانيًا: أن ما قلناه أبلغ في التلطف بالدعوة بدلًا أن يقول: (وما لكم لا تعبدون الذي فطركم) قال: {وَمَا لِيَ} فأضاف الأمر