للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥] وما أَشْبهَ ذلك؛ حيثُ يُفسِّر أعلمَ بعالمٍ - كالجلالَين رَحِمَهُمَا اللهُ- هذا خَطأٌ عَظيمٌ وتَحريفٌ لِلقُرآنِ، أَعْلَمُ أَبلغُ من عالمٍ؛ لأنَّ أَعْلمَ يَمنعُ المُشاركَةَ، وعالمِ لا يَمنعُ المُشاركةَ، تَقولُ: فُلانٌ عالمٌ، وفُلانٌ عَالمٌ، وفُلانٌ عالمٌ، لكن إذا قُلتَ: فُلانٌ أَعلمُ، معناها أنَّه لا يُساويه أحدٌ في دَرجتِه، فتَفسيرُ أَعلم بعالمٍ لا شكَّ أنَّه تَحريفٌ للقُرآنِ وقُصورٌ عَظيمٌ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: بَيانُ أنَّ هؤلاءِ المُكذِّبين لهُودَ - صلى الله عليه وسلم- وهم عادٌ جَمَعوا بينَ الأمرَينِ، جَمَعوا بين الاستِكبارِ وبَينَ التَّكذيبِ، الاسْتِكْبارُ في قولِه: {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ} [فُصِّلَت: ١٥]، والتَّكذيبُ في قولِه: {وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فُصِّلَت: ١٥]. الْفَائِدَةُ السَّابعَةُ: أنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرسَلَ الرُّسلَ بالآياتِ وأَقامَ البَيِّناتِ والبَراهينَ على أنَّه الحقُّ، وأنًّ رَسولَه حقٌّ؛ لقولِهِ: {بِآيَاتِنَا}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ الرِّياحَ تَجري بأَمْرِ اللهِ؛ لقولِه: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا} [فُصِّلَت: ١٦]، ولا شكَّ أنَّ كلَّ شَيءٍ يَجري بأمْرِ اللهِ، حتَّى أَفْعالُ البَشرِ تَكونُ بأَمْر اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كما هو مَذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ، فكُلُّ شيءٍ يَسيرُ بأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الرِّياحُ السَّحابُ البِحارُ الأنْهارُ، كُلُّها تَجْري بأمرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: بَيانُ حال هذه الرِّيحِ الَّتي أَهلكَ اللهُ بها عادًا، وأنَّها ريحٌ صَرْصَرٌ شَديدةٌ، وفي آياتٍ أُخرَى ما يَدُلُّ على أنَّها ليس فيها مَطَرٌ وليس فيها خَيرٌ، بل هي عَقيمَةٌ مِن الخَيرِ كُلِّه.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: حِكمَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في مجُازاةِ مَن يستَحِقُّ الجَزاءَ؛ حيثُ يُجازَى بمِثلِ عَملِهِ، ولهذا يَقولُ العُلماءُ: الجَزاءُ مِن جِنسِ العَمَلِ، ووَجهُ ذلك أنَّ اللهَ

<<  <   >  >>