فالتَّعبيرُ بقولِكَ:(خُلِقَ) فِعلٌ ماضٍ مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، أَولَى مِن قولِكَ:(خَلَقَ) فِعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمَجهولِ، وكذلك {يُحْشَرُ} فِعلٌ مُضارعٌ مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، وقولُهُ:{أَعْدَاءُ اللَّهِ}{أَعْدَاءُ} نائبُ فاعلٍ.
وفيها قِراءةٌ أُخْرى:"ويَومَ نَحشُرُ أَعداءَ اللهِ" أشار إليه المفسِّر ما حاجَةٌ للتَّعليقِ، ويومَ نَحشُرُ أَعداءَ اللهِ، وعلى هذه القِراءةِ تَكونُ (نَحشُرُ) فعلًا مضارعًا مبنيًّا للفاعلِ، والفاعلُ هنا مُستتِرٌ وُجوبًا، و (أعداءَ) مَفعولٌ به مَنصوبٌ.
والفاعلُ إذا كان تَقديرُه أنا أو أنت أو نحن فهو مُستتِرٌ وجوبًا؛ وإذا كان تَقديرُه هو أو هي فهو مستتِرٌ جوازًا. مَثَلًا:(أَقُومُ) مُستتِرٌ وجوبًا تَقديرُه: أنا، (تَقُومُ) تُخاطِبُ رجلًا تَقولُ أنت تَقومُ وجوبًا؛ لأنَّ تَقديرَه أنت، (نَقومُ) وجوبًا؛ لأنَّ تَقديرَه: نحن، (قام) جوازًا؛ لأنَّ تَقديرَه: هو، (قامت) جوازًا؛ لأنَّ تَقديرَه هي، (تقوم) إذا كان تَتَحدَّث عن امرأةٍ فقلت: هندُ تَقومُ فهو مستتِرٌ جوازًا؛ لأنَّ التَّقديرَ: هي، وإذا كنت تُخاطِبُ رجلًا فهو مُستتِرٌ وجوبًا؛ لأنَّ التَّقديرَ: أنت، إذن هذا الضَّابطُ ما كان تَقديرُه هو أو نحن أو أنت فهو مستتِرٌ وجوبًا، وما كان تَقديرُه هو أو هي فهو مستتِرٌ جوازًا.
وقوله تعالى:{وَيَوْمَ يُحْشَرُ}(يوم) ظرفٌ، وكُلُّ ظرفٍ لا بدَّ له من مُتعلِّقٍ؛ لأنَّ الظَّرفَ اسمُ مفعولٍ فيه، فلا بدَّ من فِعلٍ، ولهذا قال ناظمُ الجُمَلِ:
لابدَّ للجارِ مِن التَّعلُّق ... بفِعلٍ أو معناه نحو مُرتَقي
والعامِلُ في (يوم) مَحذوفٌ، التَّقديرُ كما قال المفسِّر:[واذكر يومَ يُحشَرُ]{أَعْدَاءُ اللَّهِ} و {يُحْشَرُ} بمعنى يُجمَعُ ويُساقُ، وفيها قِراءتانِ: بالياءِ والنُّون المَفتوحَةِ، يَعني يُحشَرُ بالياءِ والنُّونِ المَفتوحَةِ وضَمِّ الشِّينِ. يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ:[بِالياءِ والنُّون المَفتوحَةِ وضَمِّ الشِّينِ وفَتحِ الهَمْزَةِ].