للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يُكمِلِ المفسِّر في الواقِعِ القِراءةَ الثَّانيةَ، {يُحْشَرُ} فيها قِراءتانِ: الأُولَى ضَمُّ الياءِ وفتحِ الشِّينِ، وعلى هذه القِراءَةِ يَجِبُ أن تَكونَ {أَعْدَاءُ} مَرفوعَةً على أَنَّها نائبُ فاعِلٍ.

القِراءَةُ الثَّانيةُ: بفَتحِ النُّون (نَحشُرُ) وضَمِّ الشِّين وعلى هذِهِ القراءِةِ فيَجِبُ أن تَكونَ (أعداءَ) مَنصوبَةً على أَنَّها مَفعولٌ به، "ويَومَ نَحشُرُ أعداءَ اللهِ".

والقِراءتانِ اللَّتانِ تَكونانِ في القُرآنِ الَّذي بَيْنَ أَيدينا ليس هما الحُروفَ السَّبعةَ، فالحُروفُ السَّبعَةُ الآنَ غَيرُ مَعلومَةٍ؛ لأنَّه قُضِيَ عليها بتَوحيدِ المُصحفِ في عَهدِ عُثمانَ - رضي الله عنه -، لكنَّ القِراءاتِ السَّبعَ المَوجودَةَ في حَرفٍ واحدٍ وهو حَرفُ قُريشٍ الَّذي تَوحَّدت المَصاحِفُ عليه في عَهْدِ عُثمانَ - رضي الله عنه -، ولهذا لا حاجَةَ إلى التَّفتيشِ والتَّنقيبِ عن الحُروفِ السَّبعَةِ في وقتنا هذا؛ لأنَّها انتهت وقُضِيَ عليها.

قال اللهُ تَعالَى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} {أَعْدَاءُ اللَّهِ} يُمكنُ أن نَعرفَهم بمَعرِفَةِ أولياءِ اللهِ، وأَوْلياءُ اللهِ تعالَى قال اللهُ في بَيانِهِمْ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٢ - ٦٣]، ضِدُّ الإيمانِ الكُفْرُ، وضِدُّ التَّقوى المَعاصي والفُسوقُ، فأعداءُ اللهِ إذن هُمُ الكُفَّارُ والفَسَقَةُ يُحشَرونَ {إِلَى النَّارِ}؛ أي: يُساقونَ إليها ويُجمَعون إليها.

يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}: يُساقونَ] ولها معنًى آخَرَ أيضًا: يُساقونَ بالتَّوزيعِ، يَعني أنَّهم طَوائِفُ وأُمَمٌ كُلَّما دَخَلت أُمَّهٌ لعنت أُخْتَها، فهم يُوزَعونَ بالسِّياقِ أي يُساقونَ، ويُوزَعونَ أيضًا بالتَّفريقِ، كُلُّ أُمَّةٍ وَحْدَها فهُمْ يُوزَعونَ.

قال اللهُ تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ} إلخ [فُصِّلَت: ٢٠].

<<  <   >  >>