للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: هذا يَحتاجُ إلى دَليلٍ، والَّذي يَظهَرُ مِنَ الأدِلَّةِ أنَّ النَّارَ واحدةٌ، وأنَّ العُصاةَ يُعذَّبونَ بِالنَّارِ الَّتي يُعذَّبُ بها الكُفَّارُ، لكن عقلًا كَلامُه رَحِمَهُ اللهُ هذا التَّفصيليُّ كَلامٌ جَيِّدٌ، حتَّى لو قال قائِلٌ أيضًا: العَقْلُ يَدُلُّ على أنَّه لا بُدَّ أن تَكونَ النَّارُ نارين؛ لأنَّه لا يُمكنُ أن يُعَذَّبَ المُؤمنُ الفاسِقُ بنارٍ شَديدةِ الحَرارَةِ كُلَّما نَضَجَ جِلدُه بُدِّلَ جلدًا آخَرَ كما تَكونُ نارُ الكُفَّارِ مِنَ النَّاحيَةِ العَقليَّةِ يُوافِقُ العَقْلَ تمامًا، فإن كان صوابًا فمِنَ اللهِ وإن كان خطأً فاللهُ يَعفو عنه.

ولا يَجوزُ أبدًا أن نَعرِفَ الحَقَّ بالرِّجالِ، يَجِبُ أن نَعرِفَ الحَقَّ بالدَّليلِ، فما دام بين أيدينا كَلامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كيف نُفَكِّرُ أن نُرَجِّحَ أو أن نَقولَ: قال فُلانٌ أو قال فُلانٌ، لو قال اَكْبَرُ النَّاسِ ما عدا الرَّسولَ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قلنا: لا سَمْعَ ولا طاعَةَ ولا تَصديقَ ولا إيمانَ، بين أيدينا كَلامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وهو الخالِقُ عَزَّ وَجَلَّ والعالِمُ بكُلِّ شيءٍ.

الْفَائِدَةُ العِشْرُونَ: إِثباتُ النَّارِ؛ لقولِه: {فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}، وأنَّها هي المَثْوى وليس كما يَزْعُمُ بعضُ الكُتَّابِ اليومَ يَقولون: إنَّ المَيِّتَ إذا مات صار إلى مَثْواه الأخيرِ، وقد بَيَّنَّا أنَّ هذه الكَلِمَةَ كَلِمَةُ كُفْرٍ لو اعتَقَدَ الإنسانُ مَدلولَها، يعني لو اعتَقَدَ أنَّ القَبْرَ هو المَثْوى ولا قِيامَ بَعدَه لكان كافِرًا، فيُقالُ: إنَّ القَبْرَ ليس المَثْوى الأخِيرَ.

* * *

<<  <   >  >>