للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَفعولٍ؛ أي: إِنَّه مُشتَرِكٌ بين فاعِلٍ ومَفعولٍ، فهو جامِعٌ وهو مَجموعٌ؛ لأنَّه يُكتَبُ وتُجمَعُ حُروفُه بَعضُها إلى بَعضٍ، والمُرادُ به ما نَزَلَ على محُمَّدٍ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّم-.

{لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} {لِهَذَا الْقُرْآنِ}، المُرادُ بالإِشارَةِ هنا التَّحقيرُ يعني: هذا لا يُساوي شيئًا لا تَسمَعوا إليه، ويُشْبِهُ هذا مِن بَعضِ الوُجوهِ: {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: ٣٦] احتِقارٌ، يعني: أهذا الَّذي يَسُبُّها مَنْ هو، {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: ٤١]، وهذا للاحتِقارِ لكنَّه مُستَفادٌ مِنْ الاستِفهامِ. أمَّا هُنا فهو مُستَفادٌ مِنَ الإِشارَةِ الدَّالَّةِ على التَّحقيرِ.

يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{وَالْغَوْا فِيهِ} ائتوا باللَّغَطِ ونَحْوِه وصيحوا في زَمَنِ قِراءتِه].

{وَالْغَوْا فِيهِ} يعني: عِندَما تَسمَعون رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ صَوِّتوا وتَصايَحوا؛ لأَجْلِ أن تَخْلِطوا عليه قِراءَتَه وتَحولوا بينَهُ وبين السَّماعِ.

يَعني: فَهُمْ يَفْعَلون ذلك لأَمْرينِ:

الأَوَّلُ: التَّخليطُ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في قِراءتِهِ.

والثَّاني: ألَّا يَسمَعَ أحدٌ قِراءتَه من أَجْلِ الضَّوضاءِ واللَّغَطِ.

{وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فُصِّلَت: ٢٦] (لعلَّ) للتَّعليلِ، وتَأتي لِلإشفاقِ، وللتَّرَجِّي، وللتَّمَنِّي. كُلُّ هذه المَعانِي تَختَلِفُ بِحَسَبِ السِّياقِ؛ لأنَّ السِّياقَ هو الَّذي يُعَيِّنُ مَعاني الكَلِماتِ.

يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فيَسكُتُ عنِ القِراءةِ]؛ لأنَّه إذا سَمِعَ

<<  <   >  >>