للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقتَضي أن يَزدادَ قُوَّةً ونشاطًا على الإيمانِ والتَّوحيدِ، فتَتنزَّلُ عليهمُ المَلائِكَةُ عندَ المَوتِ أيضًا وتُبَشِّرُهم بها: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} وهي مِن البِشارَةِ، والبِشارَةُ هي الإخبارُ بما يَسُرُّ، وسُمِّيت بِشارَةً؛ لأنَّه إذا سُرَّ الإنسانُ ظَهَرت عَلامَةُ السُّرورِ على وَجهِه فتَغيَّرت بِشرَةُ الوَجهِ.

وقد تُطلَقُ البِشارَةُ على الإِخْبارِ بما يَسوءُ من بابِ التَّهكُّمِ، قال اللهُ تَعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٣٨]، وقال تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤]، مع أنَّ هذا مِمَّا يَسوءُ، لكنَّه على سَبيلِ التَّهَكُّمِ بهم كما تَقولُ أنت لِلعاصي: أَبشِرْ بِسوءِ العاقِبةِ أبشِرْ بالنَّارِ وما أَشْبَهَ ذلك ممَّا يَكونُ تَهكُّمًا به، ومثلُ قولِه تعالى: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: ٤٨ - ٤٩].

قال اللهُ تَعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} الجَنَّةُ هي الدَّارُ الَّتي أعدَّها اللهُ لأوليائِه، وفيها كما في القُراَنِ الكريمِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧]، وفيها كما جاءَ في الحديثِ القُدسيِّ: "ما لا عينٌ رأت ولا أُذنٌ سَمِعت، ولا خَطَرَ على قَلبِ بشرٍ" (١).

{بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} وعَدَهم بها اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قال اللهُ تَعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: ٧٢].

يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}] أي: نَحفَظُكم فيها {وَفِي الْآخِرَةِ} أي: نَكونُ معكم فيها حتَّى تَدخلوا الجَنَّةَ {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي


(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة، رقم (٣٢٤٤)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها، رقم (٢٨٢٤)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>