للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} تَطْلُبون].

تَقولُ لهم المَلائِكَةُ: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} يعني: أنَّ المَلائكَةَ تَتولَّى المُؤمنينَ، تَحثُّهم على الخَيرِ، وتُحذِّرُهم منَ الشَّرِّ، وقد قال النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم-: أنَّ "للمُلكِ في قَلبِ ابنِ آدمَ لَمَّةً وللشَّيطانِ لَمَّةً، فلَمَّةُ المُلكِ إِيعادٌ بالخَيرِ وحثٌّ على الطَّاعَةِ، ولَمَّةُ الشَّيطانِ بالعَكسِ" (١).

فإِنْ قال قائلٌ: هل تَرِدُ اللَّمَّتانِ في آنٍ واحدٍ؟

فالجَوابُ: نعم، قد تَرِدُ اللَّمَّتانِ في آنٍ واحدٍ فيَهوى الإنسانُ الخَيرَ وإذا بالشَّيطانِ يَصُدُّه عنه، وقد يَكونُ لم يَطرأْ على بالِه فِعلُ الخَيرِ، والشَّيطانُ قد وَسوسَ له بالشَّرِّ.

وقولُه: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: نَحفَظُكم فيها؛ وذلك أنَّ الإنسانَ إذا كانت المَلائِكَةُ معه فإنَّها تُسدِّدُه وتَدُلُّه على الخَيرِ وتَحثُّه عليه، {وَفِي الْآخِرَةِ} يَتَولَّونَهم أيضًا، فإنَّ المَلائِكَةَ تَتلقَّاهم: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠٣] , وفي الجَنَّةِ تَدخُلُ عليهم المَلائِكةُ من كُلِّ بابٍ {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: ٢٤]، فهُمْ أولياءُ المُؤمنينَ في الدُّنيا وفي الآخِرَةِ، جَعلَنا اللهُ منهم وإيَّاكم.

قال اللهُ تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا} أي: في الآخِرَةِ {مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} كُلُّ ما اشتَهاهُ الإنسانُ وإن لم يَطلُبْه فإنَّه يَحصُلُ بين يَديه، وكذلك أيضًا كُلُّ ما طَلَبَه فإنَّه يَحضُرُ بين يَديه.

في الدُّنيا لا يَتسَنَّى للإنسانِ ما يَطلُبُه حتَّى لو طَلَبَ وكرَّرَ الطَّلبَ فإنَّه قد


(١) أخرجه الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة، رقم (٢٩٨٨)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>