أرأيتَ لو أنَّ شخصًا أرادَ أن يُلحَ مُسَجِّلًا، هل يُمكنُ أن يُصلحَه إلَّا بعِلمِ كيف يُصلحُه؟ لا يُمكنُ، وهل يُمكنُ أن يُصلحَه وهو عاجِزٌ أَشَلُّ؟ لا يُمكنُ.
إذن الخالِقُ مِن أسماءِ اللهِ تَتضَمَّنُ الدَّلالَةَ على الذَّاتِ وهو اللهُ، وعلى صِفَةِ الخَلقِ، وعلى صِفةِ العِلمِ، وعلى صِفةِ القُدرَةِ، فتَدُلُّ على صِفةِ الخالِقِ الَّذي هو ذاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وعلى صِفةِ الخَلقِ بالتَّضمُّنِ والمُطابَقةِ، فإذا أُخِذَ اللَّفظُ بكامِلِ معناه سُمِّيتِ الدَّلالَةُ مُطابِقةً، وإذا أُخِذَ ببَعضِ معناه صارت الدَّلالَةُ تَضَمُّنًا، وإذا أُخِذَ بما يَلزَمُ على ذلك صارت الدَّلالَةُ التِزامًا، فدَلالَةُ الخالِقِ على الذَّاتِ وصِفةِ الخَلقِ مُطابِقَةٌ، ودَلالَتُها على الذَّاتِ وحدَها تَضَمُّنٌ، وعلى الخَلْقِ وحدَه تَضَمُّنٌ، وعلى العِلمِ والقُدرَةِ التِزامٌ.
نَضرِبُ مَثلًا في المَحسوساتِ تَقولُ مَثلًا:(لي دارٌ) الدَّارُ كما نَعلَمُ تَتضَمَّنُ غُرَفًا وحُجَرًا وساحاتٍ وأبوابًا وشَبابيكَ وما إلى ذلك، دَلالَةُ هذه الكَلِمَةِ (دار) على مَجموع هذا دَلالَةٌ مُطابِقَةٌ، ودَلالَتُها على كُلِّ حُجرَةٍ وغُرفَةٍ وشَبَّاكٍ تَضَمُّنٌ، ودَلالَتُها على أنَّ لهذا البَيتِ بانيًا التِزامٌ, وأسماءُ اللهِ تَعالى تَجرِي على هذا.
وكذلك أيضًا: يَقولون إذا كانَ الاسمُ مُتعدِّيًا فلا بدَّ منَ الإيمانِ به اسمًا من أسماءِ اللهِ، والإيمانُ بما دَلَّ عليه من صِفَةٍ، والإيمانُ بما يَترتَّبُ على تلك الصِّفَةِ من أفعالٍ.
فالغَفورُ لا يَتِمُّ الإيمانُ به حتَّى تُؤمِنَ بأنَّ اللهَ تعالى تَسمَّى بهذا الاسمِ، فتُؤمِنُ بأنَّ الغَفورَ اسمٌ من أسماءِ اللهِ، ولا بدَّ أن تُؤمِنَ بما تَضَمَّنه من صِفَةِ المَغفرَةِ، ولا بدَّ أن تُؤمنَ بأنَّ اللهَ يَغفِرُ، يَغفِرُ بمُقتَضى هذا الاسمِ، ويَغفِرُ لمَنْ يَشاءُ ويُعذِّبُ مَن يَشاءُ.