للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَتفاضَلُ باعتِبارِ الجِنسِ: فمَثلًا الصَّلاةُ أفضَلُ مِنَ الزَّكاةِ، الزَّكاةُ أفضَلُ مِنَ الصَّومِ، الصَّومُ أفضَلُ مِنَ الحَجِّ، هذا باعتِبارِ الجِنسِ، وتَتَفاضَلُ أيضًا مِن وَجهٍ آخَرَ؛ واجِبُ العِبادَةِ أفضلُ مِن نَفلِها، فصَلاةُ الظُّهرِ مَثلًا أفضَلُ مِن قيامِ اللَّيلِ، هذا تَفاضُلٌ باعتِبارِ الجِنسِ لكنَّه من وَجهٍ آخَرَ، ودَليلُ ذلك أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم- قال عن اللهِ: "وما تَقرَّب عَبدي بشَيءٍ أحبُّ إِلَيّ ممَّا افتَرضتُ عليه" (١).

وتَتفاضَلُ باعتِبارِ النُّوعِ: مِثلَ: الوِترُ أفضلُ من مُطلَقِ التَّهجُّدِ، والرَّواتبُ أفضَلُ مِنَ النَّفلِ المُطلَقِ، هذا باعتِبارِ النُّوعِ، وإن شِئتَ فاجعَلْ تَفاضُلَها باعتِبارِ الوُجوبِ والنَّدبِ من هذا النَّوعِ.

والثَّالثُ باعتِبارِ الهَيئَةِ: صَلاةٌ يَخشعُ فيها الإنسانُ ويَتدبَّرُ ما يَقولُ وما يَفعَلُ ويَطمَئِنُّ، وصَلاةٌ أخرى يَقتَصِرُ على الواجبِ وبدون خُشوعِ قَلبٍ مثلًا فالأُولَى أفضَلُ.

والمُهِمُّ أنَّنا نُؤمِنُ بأنَّ الأعمالَ تَتفاضَلُ وأنَّ بعضَها أَحبُّ إلى اللهِ من بعضٍ، لكن يَبقى النَّظرُ: هل يَلزَمُ مِن تَفاضُلِ العَملِ تَفاضُلُ العامِلِ؟ نَعَمْ، وعلى هذا فالعامِلُ أيضًا يَختلِفُ ويَتفاضَلُ، قال النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم -: "لا تَسُبُّوا أصحابي، فوالَّذي نَفسي بِيدِهِ لو أَنفَقَ أحدُكم مِثلَ أُحُدٍ ذَهبًا ما بَلَغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصيفَه" (٢). العَملُ واحدٌ لكنَّ العامِلَ مخُتلِفٌ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فَضيلَةُ الدَّعوةِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في قولِه: {مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (٦٥٠٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا"، رقم (٣٦٧٣)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة - رضي الله عنهم - (٢٥٤١) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>